آراء

حيدر الاسدي : تارة فارس وخراب البصرة

قامت الدنيا ولم تقعد في مواقع التواصل الاجتماعي بعد مقتل عارضة الأزياء تارة فارس، والتي دونت حياتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحظى بمتابعة اكثر من مليوني شخص، وكأن الدم العراقي مقدس وغير مستباح، وكأننا نعيش في دولة كسويسرا منزوعة السلاح.

كنت أراقب تفاعل المعلقين في صفحات الفيسبوك، فمنهم من ينعى إنسانيتها، وآخر ينعى الجمال، واخرون كثر يلعنون ويشتمون وحجزوا لها مكانها في النار وأتخذوا لأنفسهم دور الاله. 

تارة فارس إنسانة اختارت طريقها في الحياة بان تكون عارضة أزياء وموديل، ساعدها في عملها مسحة الجمال التي تملكها في بلد يمقت الجمال. 

الا انها لم تتتسبب بمقتل مواطن عراقي ولم تكن عميلة لدولة اخرى ولم تطالب بتقسيم العراق او القتل بطريقة سبعة مقابل سبعة ؟! 

ما دفعني لأكتب ان مسلسل القتل في العراق لم يكن وليد اللحظة، فمنذ الساعات الأولى لغزو العراق عام ألفين وثلاثة وأيادي الغدر تطال الطيارين والضباط الذين شاركوا في حرب ايران وعلماء كبار وأساتذة جامعات وصحفيين وأدباء وحتى الشعراء الشعبيين الذين امتدحوا النظام السابق في ايّام حكمه الأوحد وقائمة التصفيات تطول. 

لكننا حينها كنّا مشغولين عما يحدث بالديمقراطية المزعومة و التنبؤ بمفردات البطاقة التموينية ذات الأربعين مادة التي تلاشت فيما بعد دون ان ننتبه الى الحلقة الاولى من مسلسل القتل الذي استمر حتى الساعة.

ما حصل لـ"تارة فارس"، شغل الجميع عن الحملة الممنهجة لتصفية ضباط جهاز مكافحة الاٍرهاب وعن التفكير بنوع الصفقة السياسة التي قدمت هذه الدماء قرباناً لها ، او حتى بان نفكر بأن يكون دم البرواري ورفاقه الذين شاركوا بتحرير المحافظات من داعش مقابل كركوك. 

كما انشغل نشطاء المجتمع المدني عما يحدث لرفاقهم والمتظاهرين العزل في البصرة من حملة اغتيالات واعتقالات انتقاماً لحرق مقار الأحزاب السياسة والقنصلية الإيرانية. 

ليتنا نفكر بعمق وبعد نظر ونبحث عن المستفيد من مقتل تارة الفارس ورفيف الياسري والشخصيات التي من شأنها ان تشغل المجتمع عن حدث اهم أعدت له العدة وما صفقات تشكيل الحكومة واختيار رئيسي الوزراء والجمهورية ببعيد؟!

 

 

 

* كاتب وسكرتير تحرير يورو تايمز

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى