أخبار الهجرة

الاعتداءات العنصرية بتونس: “يرشقوننا بالحجارة ويصفوننا بالقردة، لأننا ذوو بشرة سوداء”

يواجه الكثير من المهاجرين في تونس عددا من الاستفزازات والاعتداءات العنصرية. واتخذت في السنوات الأخيرة بعدا خطيرا، حيث تعرض البعض منهم للعنف الجسدي، فقط لأنهم أصحاب بشرة سوداء. مهاجر نيوز التقى بالعديد منهم في تونس، وتحدثوا له عن معاناتهم مع هذه الاعتداءات على ضوء تبني مجلس الشعب التونسي قانون يجرمها.

 

"كل ما أريده أن يعترف بي هذا البلد، الذي سأختار الاستقرار فيه إن احتضنني"، كانت هي العبارة التي لخص فيها ألفا، وهو اسم مستعار لمهاجر أفريقي فضل عدم ذكر اسمه، معاناته كمقيم بطريقة غير شرعية في مدنين جنوبي تونس. وضعية لا تسمح له حتى بالتقدم للشرطة للمطالبة بحقه في حال استدعى الأمر ذلك.
 
ويعتبر أن عدم حصوله على رخصة الإقامة، يعرضه للاستغلال من قبل أرباب العمل. "الوضع غير مشابه لما يعيشه المهاجرون في ليبيا، لكن نواجه العنصرية في العمل. فما معنى أن أحصل على أجر يومي على عملي يقدر بـ25 دينارا مقابل 75 دينارا لعامل تونسي يقوم بنفس الشغل"، يضيف ألفا.
 
فالعنصرية بالنسبة له، مورست عليه فيه العمل خاصة. لكنه لم يتعرض لاستفزازات أو اعتداءات عنصرية في الشارع العام. "نحن نعيش بشكل يومي جنبا لجنب مع التونسيين ذي البشرة سوداء، ولم نشعر يوما أن هناك فرقا بيننا"، يقول ميلود، وهو شاب تونسي من المنطقة، قبل أن يضيف أن "المهاجر الأفريقي أيضا إنسان، ويجب معاملته كذلك".
 
ويقيم ألفا برفقة عشرات المهاجرين الآخرين في مركز إيواء في مدينة مدنين، يديره الهلال الأحمر التونسي بشراكة مع منظمة الهجرة الدولية. ويشتكي المقيمون فيه من نقص الغذاء وغياب التطبيب. وقال أحدهم لمهاجر نيوز: "أنا مريض منذ شهور ولم يقدموا لي أي شيء…لاشيء"، فيما علق مصدر من المنظمة الدولية للهجرة أن المشرفين على المركز يقدمون "الأساسيات".
 
"رشقنا بالحجارة"
 
الوضع مختلف تماما بالنسبة للمهاجرين في تونس العاصمة. كل المهاجرين الذين التقاهم مهاجر نيوز يشتكون من الاعتداءات العنصرية في الشارع. "الأعمال العنصرية تنتشر خاصة في تونس وصفاقس"، يوضح رمصان بن عمر المكلف بالإعلام لدى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

         مهاجر يعرض الأحجار التي تعرض بها للرشق أمام مهاجر نيوز

 
ولا توجد أرقام رسمية حول أعداد المهاجرين في تونس. لكن عددهم يبقى قليلا. والبلد لم يشهد "موجة من الهجرة الأفريقية، كما يمكن أن يعتقد البعض"، يوضح توري بلاماسي المدير التنفيذي لجمعية "تنمية أفريقيا". وتفيد كل المعطيات أن 95 بالمئة من المهاجرين الواصلين إلى إيطاليا هم من الشباب التونسي، ولا يشكل المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء إلا 5 بالمئة.
 
"بهذه الأحجار تم رشقنا من قبل مراهقين، عندما كنا جالسين هنا على سطح البناية"، يشير أحمد بأصبعه إلى أحجار صغيرة، يحتفظ بها في ركن من سطح مقر دار الشباب في المرسى بعيدا بـ18 كلم عن تونس، حيث يقيم بصحبة 34 مهاجرا، كانت السلطات نقلتهم إليه إثر تفكيك مخيم شوشة في جنوب البلاد. "كانوا مارين بجانب البناية، وقاموا بوصفنا بالقردة، وبعدها رجمونا بالأحجار"، يستعرض هذا المهاجر من ساحل العاجل ظروف الاعتداء.
 
ويمكن أن تصل معاناة المهاجر إلى أبعد من الاعتداءات العنصرية، كما هو شأن جان دارك التي تعرضت للاستعباد حسب روايتها لمهاجر نيوز من قبل أسرة تونسية. وتنظر للاستفزازات والأعمال العنصرية كسلوك شبه يومي يعيشه جزء من المجتمع التونسي، خاصة من قبل مراهقين. "يرشقوننا بالحجارة، أو ينادوننا بالقردة"، تلخص رأيها في الموضوع.
 
وقد يحضر الدين في التمييز العنصري بين المهاجرين، حيث لا يشغل البعض من أرباب العمل إلا المسلمين، ويرفضون غيرهم من المهاجرين من ديانات أخرى. "في الكثير من الحالات يستفسرك المشغل إن كنت مسلما أم لا. ونظرته تتغيرك نحوك إن علم أنك غير مسلم"، يلفت أليكس في حديث لمهاجر نيوز.
 
قانون "إيجابي" ولكن…
 
لا ينفي بلاماسي أن القانون الذي تبناه مجلس الشعب التونسي مؤخرا، "إيجابي"، ويضع هذا البلد المغاربي في الريادة عربيا في محاربة العنصرية، بحكم أنه كان السباق لوضع قانون من هذا النوع. لكن لا يخفي أن "الطريق يبقى طويلا، والقانون لوحده لا يكفي للحد من جرائم العنصرية".
 
وتبني قانون ضد العنصرية، تقرأه لورينا لندو، رئيسة العمليات في مكتب المنظمة الدولية للهجرة بتونس، "انخراطا أكثر للدولة في قضايا العنصرية والميز والاستعباد". كما أن "سؤال الهجرة هو حديث العهد في تونس. ولم يبدأ التداول بخصوص إلا بحلول عام 2014"، يحاول بن عمر أن يقدم تفسيرا لسياسة الهجرة المتأخرة في البلاد.

        بلاماسي المدير التنفيذي لجمعية التنمية في أفريقيا. مهاجر نيوز

 
وتفرض عقوبات مالية على المهاجرين الذين يقيمون في تونس بطريقة غير شرعية. ويكونون مدعوون لدفعها إن رغبوا في مغادرة البلاد، وإلا يحكم عليهم بالبقاء رهينة بداخل البلاد، ويعفى من الغرامة المهاجرون الذين قرروا العودة لبلادهم في إطار العودة الطوعية تحت إشراف المنظمة الدولية للهجرة، التي أعادت المئات منهم.
 
ويدعو بلاماسي، العامل ضمن إحدى المنظمات الإنسانية، ويقيم بطريقة شرعية في تونس، إلى "مصاحبة هذا القانون بورشات في التربية والعمل على تغيير العقليات". والخطير في الأمر بالنسبة له أن هذه الاستفزازات والاعتداءات العنصرية، "تأتي من الجيل الجديد"، الذي سيشكل رجال الغد.

 

 

 
 
 
.infomigrants
زر الذهاب إلى الأعلى