هنا السويد

استراتيجية السويد “المتساهلة” مع كورونا.. ربحت إقتصادياً وتراجعت وفياتها بشكل كبير مؤخراً

تراجع أعداد الإصابات الجديدة في السويد يستوجب إلقاء نظرة أقرب على أوجه القصور والنجاحات الخاصة بالنموذج السويدي في احتواء فيروس كورونا، في ظل استقبال المدارس لطلابها وعدم فرض ارتداء أقنعة وجه بصورة إلزامية.

وبعد مرور أكثر من نصف عام على تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كورونا في أوروبا، مازال الوقت مبكرا لإجراء تقييم نهائي بشأن استراتيجية الصحة المتبعة في السويد.

ومن الناحية الاقتصادية، فقد كان أداء البلاد جيداً إلى حد ما، حيث تراجع إجمالي الناتج المحلي السويدي بنسبة 8.6 % خلال الربع الثاني من العام، وهو انخفاض غير مسبوق خلال الأربعين عاما الماضية، إلا أنه أقل بكثير من الانخفاض القياسي الذي تم تسجيله في منطقة اليورو بنسبة 12.1% في نفس الفترة.

وقد شهدت إسبانيا واحدة من أشد حالات التراجع الاقتصادي، حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي هناك بنسبة 18.5 %. كما انخفض إجمالي الناتج المحلي في إيطاليا بنسبة 12.4 %. وحتى ألمانيا، ذات القوة الاقتصادية الهائلة، شهدت انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 10.1 %، بزيادة نسبتها 1.5 %عن السويد.

ولكن في مجال الصحة، يعتبر المشهد مختلفا تماماً. فقد سجلت الدولة الصغيرة التي يبلغ تعدادها السكاني 10 ملايين نسمة، نحو 5800 حالة وفاة، وأكثر من 84 ألف حالة إصابة منذ ظهور الفيروس هناك لأول مرة في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي أبريل (نيسان)الماضي، بلغ عدد حالات الوفاة اليومية أكثر من 100.

وفيما يتعلق بحجم السكان، فإن الحصيلة الإجمالية لحالات الوفاة تقدر بنحو خمسة أضعاف الحصيلة في الدنمارك أو ألمانيا، وهو خامس أعلى معدل للوفيات في أوروبا. وبعد لوكسمبورج الصغيرة، يوجد في السويد حالياً أكبر عدد من حالات الإصابة بين كل 100 ألف شخص في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية وبريطانيا.

ومازال أنديرس تيجنيل – وهو أحد علماء الأوبئة البارزين في وكالة الصحة العامة، ومبتكر استراتيجية فيروس كورونا في السويد – يؤمن بالنموذج السويدي. إلا أنه يعترف بالفعل بوجود أحد أوجه القصور، حيث يقول: "نحن نعلم أن فشلنا الكبير كان في مجال مرافق الرعاية طويلة الأجل".

وقال تيجنيل لصحيفة "بيلد" الألمانية، إن السلطات الإقليمية كان يتعين عليها أن تكون مستعدة بصورة أفضل، فبهذه الطريقة كان من الممكن أن يتم تسجيل عدد أقل من الوفيات.

إلا أن الوضع يتحسن. فقد انخفض عدد الإصابات بسرعة كبيرة، مع تسجيل نحو 100 حالة إصابة جديدة فقط يوميا منذ أواخر يونيو (حزيران). ويقول تيجنيل إن هناك عدد أقل من المصابين بالفيروس في وحدات العناية المركزة، ومازالت حصيلة الوفيات اليومية منخفضة.

إلا أن الصورة تبدو مختلفة بالنظر إلى نصيب الفرد الواحد من الاصابات، حيث شهد الأسبوعان الماضيان تسجيل إصابات جديدة بمعدل ضعف ما تم تسجيله في ألمانيا.

وعلى الرغم من أن المدارس والمطاعم والمتاجر والحانات، وغيرها من الأماكن العامة الأخرى، ظلت مفتوحة حتى في ذروة تفشي الوباء، فقد حثت وكالة الصحة العامة مراراً وتكراراً المواطنين على الحفاظ على التباعد الاجتماعي وتجنب السفر غير الضروري.

وبالمثل، لم يتم اعتبار أقنعة الوجه إلزامية، إلا أنه قد تم قصر التجمعات العامة على عدد 50 مشاركاً فقط، وقد تم حظر الزيارات في دور الرعاية، كما تم تعليق الخدمة الذاتية في المطاعم والحانات. وعلاوة على ذلك، مدد تيجنيل توصيته بالعمل من المنزل حتى الخريف.

ولم يتم الوصول إلى هدف السويد المتمثل في "مناعة القطيع" حتى الآن. وقد كانت الفكرة هي أن انتشار الفيروس سيبدأ في التباطوء عندما يصير هناك عدد كاف من المواطنين المحصنين إما من خلال الإصابة بالفيروس، أو الذين الحصول على التطعيم.

من ناحية أخرى، لم يؤمن أخصائي الامراض المعدية بيورن أولسن مطلقاً، بالاستراتيجية السويدية.

ويُعتبر الأستاذ في جامعة أوبسالا، واحداً من بين 22 خبيراً ينتقدون تيجنيل بشدة منذ شهور.

ويقول إن هناك الكثير من الناس الذين لقوا حتفهم في وقت مبكر جداً لأن الفيروس كان قادراً على الانتشار بصورة لا يمكن السيطرة عليها. وكان من الممكن أن تساعد الإجراءات الصارمة وإجراء الفحوص في وقت مبكر على عدم حدوث ذلك.
 

د.ب.ا

زر الذهاب إلى الأعلى